شبكه و منتديات احدث البرامج
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

شبكه, منتديات, منتديات احدث البرامج, احدث, البرامج, لمحبى, البرامج, بانواعها, برامج المحمول, ثيمات, المحمول, برامج, كمبيوتر,


descriptionركائز الإيمان الجزء 12 Emptyركائز الإيمان الجزء 12

more_horiz
باسم الله والصلاة والسلام على خير خلق الله عليه افضل الصلاة وازكى التسليم

ركائز الإيمان الجزء 12 41c92094a9

ركائز الإيمان الجزء 12 Gold


[center]

اخوااااني أخواااتي

















ركائز الإيمان الجزء 12 8b54c61e7d0d6972ea31fd9




[b][b][b]

[b]





ركائز الإيمان
الشيخ محمد قطب


أنواع الشرك :
…ليست
الصورة الوحيدة للشرك هى السجود للأصنام كما يبدو لبعض الناس الذين يقرءون
فى التاريخ أن العرب فى الجاهلية كانوا مشركين يعبدون الأصنام، فيتبادر
إلى أذهانهم أن عبادة الأصنام هى السبب الوحيد فى وصف العرب بأنهم كانوا
مشركين، ويظنون من جهة أخرى أن الصورة الوحيدة للشرك هى عبادة الأصنام0
…لوكنا
إذا رجعنا إلى القرآن، ثم أنعمنا النظر فى حياة الجاهلية العربية ذاتها،
نجد أن عبادة الأصنام لم تكن إلا لوناً واحداً من ألوان الشرك فى الجاهلية
العربية، فضلاً عن الجاهليات الأخرى التى مرت بها البشرية فى تاريخها
الطويل


…حقيقة
أن عبادة الأصنام واضحة ملموسة للشرك لا تحتاج إلى بيان. ولكن الشرك هو فى
الحقيقة أوسع دائرة من عبادة الأصنام والسجود لها وتقديم القرابين إليها.
وقد اتخذ فى الجاهليات المختلفة صوراً شتى، وما يزال يتخذ إلى هذه اللحظة
أشكالاً متعددة فى حياة الناس فى الشرق والغرب، قد لا يلتفتون إليها ولا
يدركون أنها ضروب من الشرك، حين يحصرون صورة الشرك فى أذهانهم فى عبادة
الأصنام فحسب…وفى الجاهلية العربية ذاتها كانت هناك ألوان متعددة من الشرك
إلى جانب عبادة الأصنام، وعبادة الملائكة والجن، والظن بأنها تشفع لهم عند
الله أو تقربهم إلى الله زلفى…لقد كانت ((القبيلة)) ربا يعبد مع الله أو
من دون الله!
…انظر إلى قول دريد بن الصمة :
…وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد !
فما
معنى قوله ذلك ؟…معناه أنه لا يوجد عنده معيار للرشد أو الغى إلا ما تقوله
قبيلته (غزية) بل معناه أسوأ من ذلك من الحقيقة، معناه أن الحقيقة هى التى
تحل له وتحرم.. فإن غوت فهو يغوى معها، مع علمه بأنها غاوية؛ لأن الغى
يصبح فى نظره حلالاً ما دامت القبيلة قد فعلته. وإن رشدت فهو يرشد معها،
لا لأنه يرى أن الرشد هو الأصلح، بل لأن القبيلة قد فعلته فهو الحلال فى
هذه اللحظة…وفى كلتا الحالتين لا نجد أن الله موجود فى حسه! فهو لا يأخذ
حلاله ولا حرامه من الله. ولا يتلقى منه الأمر ولا يرجع إليه فى التصرف.
إنما يأخذ من القبيلة ويتلقى عنها، ويرجع إليها. وإذن فهى الرب الحقيقى
بالنسبة إليه، وإن كان يعرف أن الله موجود، وأنه هو الذى خلقه وخلق
السموات والأرض!…وكذلك كان عرف الآباء والأجداد عند هؤلاء الجاهلين ربا
يعبد من دون الله
: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ) لقمان :21


…وليس العرب وحدهم هم الذين قالوا ذلك فى جاهليتهم، ففى القرآن أيضاً أن هذا كان شأن قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم : (ألم
يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم إلا الله
جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما
أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب قالت رسلهم أفى الله شك فاطر
السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن
أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا
) إبراهيم : 9،10…وعلى
ذلك نستطيع أن نعدد ألواناً مختلفة من الشرك - سواء فى الجاهلية العربية
أو غيرها من الجاهليات - بجانب العبادة الخالصة للأصنام أو الأوثان بوصفها
هى الله، كاعتقاد الجاهلية الفرعونية أن (رع) (قرص الشمس) هو الإله،
واعتقاد المجوس أن النار هى الإله، واعتقاد الأشوريين أن بعلاً هو الإله،
واعتقاد قوم نوح أن وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراًن هى الآلهة

فمن ضروب الشرك :
1- شرك التقرب والزلفى :
(والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربوونا إلى الله زلفى) الزمر:3
وهذا
النوع من ا لشرك -كما ذكرنا من قبل - يمارسن الشخص الذى يعرف أن الله
موجود، وأنه هو الخالق الرازق المحيى المميت ولكنه مع ذلك يتصور خطأ أن
هناك كائنات أخرى لها بعض خصائص الألوهية، وأنها من ثم قريبة من الله،
وإذا فالتقرب إليها يؤدى إلى القربى من الله!
فمن
تقرب من الصنم وتمسح به، ومن صلى له وسجد، ومن تقدم إليه بالقربان، فقد
أشرك ولقد يبدو لنا اليوم أن هذا اللون من الشرك ساذج جداً وسخيف جداً
بحيث يستنكف منه الإنسان المعاصر، الذى تيسرت له وسائل التعليم والثقافة،
واتسعت حصيلته العلمية والفكرية


ومع
ذلك فانظر إلىملايين الناس التى تطوف حول أضرحة المشايخ والأولياء
والقديسين فى أرض الإسلام وخارج أرص الإسلام، تطلب منهم أن يقربوهم إلى
الله زلفى
وانظر
إلى الذين يخشون - فى دخيلة أنفسهم - غضبة الذين يعظمونهم من ولاة وشيوخ
وعظماء، ولا يخشون غضب الله، والذين يعتقدون فيمن يعظمونهم أنهم أقرب ضراً
لهم ونفعاً من الله سواء كانوا ملوكاً أو علماء أو رؤساء!
أتراهم قد بعدوا فى هذا الأمر من عباد الجاهلية الذين قال الله عنهم : (ألا لله الدين الخاص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) الزمر:3


2- شرك طلب الشفاعة من غير الله :
وقريب من شرك التقرب والزلفى شرك طلب الشفاعة من غير الله؛ لأنه امتداد له فى الحقيقةوقد
كان العرب فى الجاهلية يمارسون الشركين معاً. فقد كانوا يعبدون الأصنام
لتقربهم إلى الله زلفى، وكانوا فى الوقت ذاته يطلبون الشفاعة منهم لتوهمهم
أنهم أصحاب كلمة مسموعة عند الله: (
ويعبدون
من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل
أتنبئون الله بما لا يعلم فى السموات ولا فى الأرض سبحانه وتعالى عما
يشركون) يونس: 18 (أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعاً له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون) الزمر : 43،44 وكما
عبدوا الأصنام لتشفع لهم عند الله - وبخاصة اللات والعزى ومناة - فإنهم
عبدوا الملائكة كذلك باعتبارها بنات الله حسب ادعائهم الباطل، وأنها لذلك
مسموعة الكلمة عند الله:
(وقالوا
اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره
يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من
خشيته مشفقون
) الأنبياء : 26 – 28 لقد يخيل إ
لينا
كذلك أن هذه القضية قد انتهت مع انتهاء الجاهلية العربية، ولم يعد لها
وجود. ولكن المتأمل فى حياة الناس اليوم يجد نظائر لها فى تشفيع الموتى من
الأولياء والصالحين عند الله فى قضاء المصالح وفى الرضا عن العباد وقضية
الشفاعة كقضية الزلفى، كلتاهما تنشأ من توهم أن هناك من يملك من الأمر
شيئاً مع الله، أو يملك التأثير فى مشيئة الله وإرادته. وهو وهم باطل لأن
الله هو الغنى، وهو المدبر المهيمن على كل ما فى الوجود، ومشيئته هى
النافذة وحدها فى هذا الكون. فالخلق جميعاً عبيد له وأقربهم إليه أتقاهم
له ولا ينفى هذا أن تكون هناك شفاعة بين يدى الله يوم القيامة يتقبلها
سبحانه ويستجيب لها ولكنها أولاً بإذن منه سبحانه للشافع أن يشفع، وثانياً
رضاه عن المشفوع له، قال الله تعالى :
(يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً) النبأ : 38 وقال تعالى : (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) الأنبياء : 28 وقال : (وكم من ملك فى السموات لا تغنى شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) النجم : 26
3- شرك الطاعة والاتباع :
الأصل
فى العبادة هو الطاعة. ومعنى عبادة الله طاعته فيما أمر به وما نهى عنه.
فإن الإيمان الحقيقى بعظمة الله وألوهيته، وأنه هو الخالق لهذا الكون،
والمدبر لكل شئونه، والمهيمن على كل شىء فيه، هذا الإيمان يؤدى إلى نتيجة
لازمة هى الطاعة لهذا الإله المتفرد بالربوبية والألوهية دون شريك أما
الذى يصر على الغواية، ويرفض الانصياع لأمر الله، ويتوجه بالطاعة لغير
الله يأخذ منه ما يحرم وما يحل، وما يباح وما لا يباح، فلا يمكن أن يكون
فى دخيلة نفسه مقراً لله بالألوهية بغير شريك، ولو ادعى ذلك! إنما هو فى
الحقيقة قد وضع غير الله فى مقام الألوهية واتجه إليه بالعبادة، أى
بالطاعة التى كان ينبغى أن تحكون لله وحده دون سواه يقول الله فى القرآن
عن اليهود والنصارى
: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) التوبة:31 ويحدد
الرسول معنى العبادة، ومعنى اتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله
تحديداً واضحاً حاسماً فى قصة عدى بن حاتم حين جاء ليسلم على يدى رسول الله وكان
نصرانياً من قبل: روى الإمام أحمد والترمذى وابن جرير - من طرق- عن عدى بن
حاتم رضى الله عنه أنه لما بلغته دعوة رسول الله فر إلى الشام، وكان قد
تنصر فى الجاهلية فأسرت أخته وجماعة من قومه. ثم من رسول الله على
أخته وأعطاها، فرجعت إلى أخيها فرغبته فى الإسلام، وفى القدوم على رسول
الله فقدم عدى المدينة-وكان رئيساً فى قومه طىء، وأبوه حاتم الطائى
المشهور بالكرم- فتحدث الناس بقدومه. فدخل على رسول الله وفى عنق عدى صليب
من فضة، وهو (أى الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية
: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) قال : فقلت : إنهم لم يعبدوهم. قال: (بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم)


فدى بن حاتم كان يظن أن العبادة هى الركوع والسجود فحسب، لذلك قال إنهم لم يعبدوهم! ولكن الرسول بين
له حقيقة الأمر كما علمه الله. بين له أن طاعة الأحبار والرهبان فى
التحليل والتحريم بغير ما أنزل الله هى عبادة لهم، ومن ثم فهى إشراك
بالله؛ لأن الطاعة فى هذه الأمور إنما تكون لله وحده حيث إنه هو الإله
المعبود بحق. فالتوجه بها لغير الله عبادة لمن توجه إليه، وإن لم يكن معها
ركوع ولا سجود يقدم لله وحده ولا يقدم لغيره! فالركوع والسجود لله،
والتلقى من عند الله فى التحريم والتحليل كلاهما سواء، ومجموعهما معاً هو
العبادة. ولم يقل الله لعبادة إذا ركعتم لى وسجدتم فقد تمت عبادتكم لى،
ولم يعد عليكم بأس فى أن تطيعوا غيرى فى التحليل والتحريم.. إنما أمر الله
عبادة أن يسجدوا له ويركعوا، وأن يتبعوا ما أنزل إليهم من حلال وحرام،
وأخبرهم بأ، إسلامهم لا يتم بغير الأمرين معاً فى ذات الوقت، وأنهم إن
توجهوا بهذا الأمر أو ذالك لغير الله فقد
أشركوا: (لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذى خلقهن إن كنتم إياه تعبدون) فصلت: 37 (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون) الأعراف:3 فالسجود
لغير الله فى الآية الأولى ينفى العبادة لله. وعدم اتباع ما أنزل الله فى
الآية الثانية مرادف لاتباع الأولياء - أى الشركاء - من دون الله وكذلك
يقول الله حكاية عن الكفار فى تبرير شركهم :
(وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شىء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شىء) النحل: 35
هم
يحددون الشرك الذى هم واقعون فيه بأمرين فى ذات الوقت: العبادة بمعناها
الظاهر أى الركوع والسجود وكذلك التحريم التحليل بغير ما أنزل الله، وهم
هنا فى الآية يحاولون تبرير هذا الشرك بشقيه بأنه راجع إلى مشيئة الله،
والله يكذبهم فى ذلك ويقيم الحجةن عليهم بأنه أرسل إليهم ليبلغوهم حقيقة
الإسلام (
وقال الذين أشركوا لو شاء الله
ما عبدنا من دونه من شىء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شىء كذلك
فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ولقد بعثنا فى كل أمة
رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت
) النحل:35،36 وهذا
اللون من الشرك هو الذى يعم وجه الأرض اليوم فأما الأرض غير الإسلامية فقد
حوت كل صنوف الكفر والشرك. ومن أبرزها شرك الطاعة فى التحليل والتحريم
بغير ما أنزل الله، واتخاذ الأرباب المختلفة من دون الله وأما الأرض
الإسلامية فقد وقع من أهلها فى هذا النوع من الشرك كل من رضى بشريعة غير
شريعة الله، مجلوبة من الشرق أو الغرب، وكل من رفع راية للتجمع أو للجهاد
غير راية الإسلام، من قومية أو وطنية أو علمانية أو غيرها من الرايات التى
لم يأذن بها الله وهؤلاء وهؤلاء يقيمون أرباباً - وإن كانت غير محسوسة -
ويعبدونها من دون الله فالذى ينادى بالقومية أو الوطنية ويتخذ ذلك ذريعة
لإقامة وطن لا تحكم فيه شريعة الله، هو فى الواقع يتخذ القومية أو الوطنية
ربا يعبده من دون الله، سواء فى ذلك من يقيم هذه الراية ومن يرضى بها؛ لأن
الأول يصدر باسمها تشريعات تحل وتحرم بغير ما أنزل الله، والآخر يتلقى
منها ويطيعها ولا يتوجه بالتلقى والطاعة إلى الله والذى ينادى بوجوب إفطار
العمال فى رمضان لأن الصيام يضر بالإنتاج المادى، يتخذ الإنتاج المادى فى
الحقيقة ربا من دون الله، لأنه يطيعه مخالفاً أمر الله والذى ينادى بخروج
التقدم والرقى والتحرر فى الحقيقة أرباباً معبودة من دون الله، لأنه يحل
باسمها من حرم الله، ويطيعها من دون الله والذى
يدعو إلى إبطال شريعة الله أو تبديل المثل الإسلامية التى تصون الأخلاق
والأعراض لكى نبدو فى نظر الغرب متحضرين غير متخلفين، يتخذ الغرب وتقاليده
أرباباً معبودة من دون الله، ولو صلى وصام وزعم أنه مسلم؛ لأن الغرب
وتقاليده أثقل فى حسه من أوامر الله، وأولى بالاتباع والطاعة من أوامر
الله! وهكذا نجد صوراً متعددة من شرك الطاعة والاتباع تعم حياة الناس
اليوم دون أن يتبينوا ما هم واقعون فيه من الشرك، مع أن كتاب الله وأحاديث
الرسول واضحة حاسمة فى هذا الأمر : أن العبادة هى التلقى من الله فى كل
شأن من شئون الحياة. وكما نتلقى من الله شعائر التعبد، فنعبده سبحانه
وتعتالى بما تعبدنا به من صلاة وصيام وزكاة وحج، كذلك نتلقى منه أمور
حلالنا وحرامنا، أى الشريعة التى تحكم أمور حياتنا فى الصغيرة وفى الكبيرة
سواء؛ لأن الله تعبدنا بتنفيذ شريعته كما تعبدنا بالصلاة والصوم والحج،
وكلها سواء، واعتبر التوجه فى هذه أو تلك لغير الله شركاً، وقال عن الذين
يفعلون ذلك : (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) الشورى:32
وقد أمرنا الله بمفاصلة الواقعين فى هذا الشرك :
(
قل
يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا
نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا
اشهدوا بأنا مسلمون
) آل عمران : 64
لذلك
ينبغى نعلينا أن نتبين طريقنا جيداً فى وسط هذا الشرك الذى يعم اليوم وجه
الأرض، وأن نجتهد ونتحرى ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً. وألا نتخذ
أرباباً نتوجه لها بالعبادة من دون الله
4- شرك المحبة والولاء :


وقريب
من شرك الطاعة والاتباع شرك المحبة والولاء للمشركين والكفار. إن ولاء
المسلم ينبغى أن يكون لله ولرسوله وللمؤمنين كما أمرنا الله تعالى :
(إنما
وليكم الله ورسوله والذين آمنوا يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون
ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون يا أيها
الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا
الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين
) المائدة : 55-57
(يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين) المائدة : 51 وكذلك
المحبة لا ينبغى أن تكون لغير الله ورسوله والمؤمنين . ولا ينبغى بحال من
الأحوال أن تكون لشىء ولا لأحد يقع فى دائرة الكفر والشرك
: (ومن
الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا
لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعاً وأن الله
شديد العذاب
) البقرة:165 (يأيها
الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على
الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم
وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال أقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن
ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله
بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين
) التوبة : 23،24 (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) المجادلة : 22 إن
العبادة ليست هى الشعائر التعبدية وحدها من صلاة وصيام وزكاة وحج، كما يظن
كثير من الناس فى العصر الحاضر. ولا يكون الإنسان مسلماً موحداً بمجرد أن
ينطق بشهادة التوحيد: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم
يؤدى الشعائر التعبدية. وإنما يجب مع ذلك أن يعمل بمقتضى شهادة التوحيد
ليكون موحداً حقاً. والتوجه بالولاء والمحبة للكفار والمشركين هو نقض
لشهادة أن لا إله إلا الله ولو ظل الإنسان ينطقها بلسانه ويؤدى معها شعائر
التعبد‍لذلك يصف الله موالاة اليهود والنصارى والكافرين بأنها ردة، فيقول
فى سورة المائدة :
(يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين) المائدة : 51 ثم يقول : (يأيها
الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة
على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة
لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء واسع عليم
) المائدة : 54 إن
التوحيد أمر هائل جداً، وليس مجرد كلمة تنطق‍إنه أمر شامل يشمل كل عمل
الإنسان وكل فكره، ويشمل حتى مشاعره الداخلية التى قد يخفيها داخل نفسه
ولا يبينها للناس ولا يتم التوحيد فى حقيقة الواقع حتى تكون كل أعمال
الإنسان وكل أفكاره وكل مشاعره مستقيمة على نهج واحد، متوجهة كلها إلى
الله، مستمدة كلها من منهج اللهةأما إقامة منهج الحياة وسلوك الإنسان
وفكره وشعوره على أسس تدين لغير الله، فهو شرك لا يغفره الله؛ لأنه نقض
واقعى لشهادة التوحيد ولو ظلت تنطق بالأفواه‍

5- شرك الرياء :


والمقصود
بشرك الرياء هو التوجه بالعمل لغير الله. فقد يكون العمل فى ذاته سليماً
فى صورته، كالصلاة مثلاً، ركعاتها مضبوطة، وقيامها وقعودها على الصورة
التى بينها رسول الله ، ولكن صاحبها لا يصليها لكى يؤدى الفريضة لله،
ويتقرب بها إليه. إنما يصليها ليمدحه الناس ويقولوا عنه إنه من الصالحين..
فهنا لا يكون العيب فى صورة العمل، إنما فى التوجه به لغير الله وكذلك إذا
أنفق ماله رئاء الناس، أو قام بأى عمل من الأعمال بغية امتداح الناس له
وثنائهم
عليه جاء رجل إلى الرسول فسأله : الرجل يقاتل حمية، والرجل يقاتل للذكر،
والرجل يقاتل ليرى مكانه من قومه، فأى ذلك فى سبيل الله؟ فقال الرسول
: (من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله) وقد
يكون العمل فى أصله موجهأً إلى الله، ولكن يدخل معه فى أثناء أدائه حب
السمعة، والسعى إلىنيل المديح من الناس، فيكون شركاً كذلك، يقول الرسول:
قال الله تعالى :
(أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً اشرك فيه معى غيرى تركته وشركه) 47 ومن هنا ينبغى ان نتنبه لأنفسنا لكى لا نقع فى هذا اللون من الشرك. فإنه يكون أحياناً أخفى من دبيب النمل
* * *
تلك
كلها ألوان من الشرك يقع فيها البشر حين ينحرفون عن طريق الفطرة السوية
كما فطرها الله. وهى كلها مجافية لحقيقة التوحيد ذلك أن حقيقة التوحيد
التى تقر بها السماوات والأرض، ويقر بها الإنسان المؤمن، ليست شيئاً
مظهرياً ولا أمراً جزئياً، إنما هى الحقيقة الجوهرية فى هذا الكون كله،
وهى الركيزة الكبرى للإنسان المؤمن، منها تنطلق تصوراته، وأفكاره، ومشاعره
وسلوكه، وكل شىء فى حياته ولا يتأتى أن يكون الإنسان موحداً فى جانب من
جوانب حياته، ثم يتوجه فى جوانب حياته الأخرى لغير الله، فإنه بذلك يكون
قد اتخذ إلهين، والله يقول :
(وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياى فارهبون) النحل: 51 وهذه
الرهبة المذكورة فى الآية هى الحصيلة الحقيقية للإيمان بأقسام التوحيد
الثلاثة: توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات. وتنزيه الله عن كل
شريك وتنزيه صفاته عن التشبيه والتأويل. و مؤاداها هو التوج لله وحده
بالعمل كله، سواء كان العمل صلاة ونسكاً، أو سعياً فى الأرض وراء الرزق،
أو كسباً أو إنفاقاً، أو علماً أو سياسة أو اقتصاداً أو اجتماعاً أو سلماً
أو حرباً أو اعتقاداً.. إلخ:
(قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له) الأنعام : 162،163 وأيا
كانت أنواع الشرك، وهو لا يخرج فى جميع أحواله عن أن يكون شركاً أكبر نيفى
الإسلام بالكلية، أو شركاً أصغر يبطل العمل الذى صاحبه، أو شركاً خفياً هو
من أكبر الكبائر، فإنه أمر باطل فى حكم الله، كما أنه قبيح مستنكر فى حكم
العقل. فأيما إنسان سليم العقل مستقيم التفكير لا يمكن أن يتقبل الشرك
بالله فى آيةى صورة من صوره. ولذلك يندد الله بالمشركين فى كثير منا
لمواضع بقوله تعالى :
(أفلا تعقلون) لأن
مقتضى العقل أن يتوصل الإنسان إلى حقيقة التوحيد، ويصل بها إلى درجة
اليقين. فهذا هو الكون مفتوحاً أمام الحس البشرى، هل فيه شىء واحد ينبئ
بأن يداً غير يد الله قد تدخلت فى خلقه أو فى تدبيره؟ وهل يمكن أن يتنظم
سير الكون هذا الانتظام الدقيق لو كانت فيه إرادتان مختلفتان أو صنعتان
مختلفتان؟‍:
(تبارك الذى بيده الملك وهو
على كل شىء قدير الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو
العزيز الغفور الذى خلق سبع سموات طباقاً ما ترى فى خلق الرحمن من تفاوت
فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً
وهو حسير
) الملك: 1-4 إن
النظر فى أى شىء من خلق الله، كبير أو صغير، لينتهى بالعقل إلى نتيجة
واحدة، هى التوحيد والقرآن يشير إلى تلك الحقيقة فى مواضع شتى، ويضرب
للناس الأمثال:
(يأيها الناس ضرب مثل
فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له
وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنفذوه منه ضعف الطالب والمطلوب
) الحج : 73 فالذباب
فى نظر الناس من أهون الأشياء وأحقرها.. ومع ذلك، فهل يستطيع أحد -غير
الله- أن يخلق ذبابة واحدة ولو اجتمع كل أهل السماوات والأرض؟‍ بل إن
الأمر أبعد من ذلك فى العجز
(وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه) ،
فهم لا يعجزون فقط عن خلق الذباب، بل يعجزون عن استرداد شىء سلبه الذباب
منهم. إن الذباب يقف على الطعام فيقضم منه قضمة لا تكاد ترى، أو يعلق
بأرجله وأجنحته مثل ذلك.. فهل يستطيع أحد أن يسترد منه ما سلب من الطعام؟‍
ألا ما أعجز الناسوالشركاء المزعومين

(مثل
الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن
البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون إن الله يعلم ما يدعون من دونه من
شىء وهو العزيز الحكيم وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون
) العنكبوت : 41-43 وإذا
كانت حقيقة الكون كله قائمة على توحيد الألوهية والربوبية، بالاستجابة
لأمر الله، والعمل بمقتضى ها الأمر كما قال الله عن السماوات والأرض:
(ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين) فصلت: 11 إذا
كانت هذه هى حقيقة الكون فأى ظلم يوقع فيه الإنسان نفسه حين ينحرف عن هذه
الحقيقة الهائلة التى تقوم عليها السماوات والأرض؟ أى ظلم فى إنكار الحق
الذى يستجيب له الكون كله ويقر به، وأى ظلم أن يورد الإنسان نفسه موارد
الهلاك بهذا الإنكار؟‍لذلك يصف الله الشرك بأنه ظلم، ويصف المشركين بأنهم
هم الظالمون:
(وإذ قال لقمان لأبنه وهو يعظه يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) لقمان : 13 وقال تعالى : (ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) يونس:106 ويقول الرسول : (إن من أكبر الكبائر الشرك بالله) 48
آثار الشرك
…إذا
كان التوحيد كما رأينا هو ما فطر الله عليه الإنسان السوى، وهو الذى
يستقيم به الكون وحياة الإنسان، فإن الشرك الذى يقع فيه الإنسان الذى يقع
فيه الإنسان له آثاره الوبيلة فى دنياه وآخرته، سواء أكان الواقع فيه
فرداً أم جماعة

1- وأول آثار الشرك إطفاء نور الفطرة :
قال رسول الله : (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) إن الله سبحانه وتعالى حين خلق آدم استخرج ذريته من صلبه أمثال الذر، فأخذ عليهم العهد والميثاق ألا يشركوا به شيئاً: (وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) الأعراف : 172
وعلى
هذا فإن الشرك نقض للميثاق الذى أخذه الله على البشر وهم فى عالم الذر،
كما أنه انحراف عن الغاية التى خلق الله الجن والإنس من أجلها، قال تعالى
:
(
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات:56
إن
الإنسان يستمد من حقيقة التوحيد إشراقته ونوره وسداد أمره، فإذا أشرك
بالله تصبح أعماله كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء. وتصبح حاله وأعماله
معتمة مظلمة، قال تعالى : (
والذين كفروا
أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذى جاءه لم يجده شيئاً ووجد
الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات فى بحر لجى يغشاه موج
من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها
ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور
) النور : 39،40
2- ومن آثاره القضاء على منازع النفس السامية :


فالنفس
المتعلقة بالله المتطلعة إلى رضاه لا تستغرقها شهوات الحس ولا تنصرف
بكليتها إلى متاع الأرض القريب، إنما تتطلع دائماً إلى المثل العليا
والقيم الرفيعة، وإلى الترفع عن الدنس فى كل صوره وأشكاله، سواء كان فاحشة
من الفواحش التى حرمها الله، أو ظلماً يقع على الناس، أو موقفاً خسيساً
يقفه الإنسان من أجل شهوة رخيصة أو مطلب من مطالب الحياة الدنيا ولكن حين
تهتز حقيقة التوحيد فى النفس ويغشيها الشرك، فإن النفس تنحط فتشغلها
الأرض. يشغلها المتاع الزائل فتتكالب عليه وتنسى القيم العليا والجهاد من
أجل إقامتها وتحقيقها. ويكون جهادها صراعاً خسيساً على هذا المتاع الزائل
يتقاتل من أجله الأفراد والدول والشعوب... وتصبح الحياة البشرية محكومة
بقانون الغاب، القوى يأكل الضعيف، والغلبة للقوة لا لصاحب الحق... وهو
الأمر الذى نراه سائداً فى الجاهلية المعاصرة فى كل منحى من مناحى الحياة
(ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح فى مكان سحيق) الحج:31
3- ومن آثاره القضاء على عزة النفس ووقوع صاحبه فى العبودية الذليلة :
إن العزة الحقيقية هى التى تستمد من الإيمان بالله الواحد : (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) المنافقون:80


فالمؤمن
على يقين من تلك الكلمة التى يرددها فى كل صلاة: الله أكبر .. أكبر من كل
شىء ومن كل أحد. ومن ثم يحس المؤمن الذى تعلق قلبه بالله أنه عزيز بتلك
القوة المستمدة من العبودية الحقة لله الحق، فهو الإله الخالق الرازق
الضار النافع المحيى المميت، المالك للأمر كله بلا شريك. ومن ثم لا يعود
يخشى الأشياء ولا الأشخاص ولا الأحداث : لأنه يعلم أن الله هو المدبر
الحقيقى لكل ما فى الكون، وأن أحداً فى الكون كله لا يملك شيئاً مع الله.
فعلام إذاً يذل لغير الله؟ علام يبذل من كرامته وعزظته لبشر مثله، عاجز
ولو كانت فى يده مظاهر القوة، ضعيف وإن كان جباراً وعزته لبشر مثله، عاجز
ولو كانت فى يده مظاهر القوة، ضعيف وإن كان جباراً فى الأرض، محتاج مثله
لما عند الله لأن الله هو الحى القيوم وكل ما عداه صائر إلى زوال؟!كلا ..
لا يبذل المؤمن من عزته لأحد غير الله ولكن المشرك لا يعرف هذه العزة ولا
يتذوقها إنه عبد .. ولكنها عبودية ذليلة لأنها ليست عبودية لله، الكريم
الرحيم، الذى يعز عباده بعزته! إنه عبد.. لبشر مثله يتحكم فيه فيذله، أو
عبد لشهواته: شهوة المال أو شهوة الجنس أو شهوة السلطان.. كلها عبودية
ذليلة وإن بدت لأول وهلة متاعاً وتمكناً وتجبراً فى الأرض ثم يذهب هذا
المتاع الزائل الذى تذل له أعناق الرجال، ويأتى اليوم الذى يقفون فيه موقف
الخزى الأكبر أمام الجبار :
(أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون) الشعراء : 205 - 207
4- ومن آثاره تمزيق وحدة النفس البشرية :
فالله سبحانه وتعالى فطر هذه النفس بحكمته، وأنزل الكتاب الذى تعمل بمقتضاه هذه النفس فتكون على فطرتها السوية كما خلقها الله : (فطرت الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) الروم: 30 والدين القيم هو عبادة الله وحده بلا شريك : (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) هود : 50
وهى
الكلمة التى قالها نوح وهود وصالح وشعيب وموسى وعيسى ومحمد والأنبياء
جميعاً ويعلم الله سبحانه وتعالى أنه حين يعمل الإنسان بمقتضى كلمة التوحيد
هذه فإن نفسه تكون
(فى أحسن تقويم)
وتكون على استوائها، لأنها تتجه كما وجهة واحدة فى جميع تصرفاتها.
فالإنسان -المؤمن- يتجه بصلاته ونسكه إلى الله، ويضرب فى الأرض يبتغى
الرزق فيتوجه إلى الله يطلب منه التوفيق والعون، ويتوجه إليه بالعمل ذاته
فيبتغى فيه الحلال الذى أحله الله ويتجنب الحرام الذى حرمه الله، فيكون فى
كل لحظة ذاكراً لله لأنه يتحرى حلاله وحرامه فى كل تصرف وفى كل موقف. كلما
هم بحركة أو عمل أو هجس فى نفسه هاجس سأل نفسه: أحلال هو فيأتيه أم حرام
فعليه أن يتجنبه؟
وكذلك هو إن ذهب يتعلم، أو ابتغى أن يتزوج، أو باع أو
اشترى، أو تعامل مع الناس فى أمر من أمور حياته: يتوجه إلى الله أولاً
ويستلهم كتابه المنزل الذى يحوى تفاصيل ما أحل الله وما حرم، وما أباح وما
منع. فإذا هو فى كل نشاط حياته متجه إلى الله سبحانه وتعالى :
(قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له) الأنعام : 162، 163 عند ذلك تطمئن النفس وتستقر : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) الرعد : 28 وتكون
قوة هائلة فى ذات الوقت، كحزمة الضوء التى تتجمع فتضىء أو تتجمع فتكون
شعلة متقدة قوة هائلة تنطلق فى الأرض تبنى وتعمر فى كل اتجاه، راضية
مطمئنة، نشيطة وثابتة فى ذات الوقت، كما كان ذلك الجيل الفذ الذى بدأ به
تاريخ الإسلام : ينشر الدعوة فى أرجاء الأرض بسرعة لا مثيل لها فى
التاريخ، ويقيم العدل الربانى فى كل مكان، ويحارب الكفر والشرك والطواغيت
فيسحقها وينتصر عليها، وينشئ حضارة فذة تجمع بين الروح والمادة، وتعمل
للآخرة دون أن تنسى عمارة الأرض:
(وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) القصص:77 وتلك هى حصيلة التوحيد. حصيلة تجمع النفس البشرية عليها، ويمزقها
يصلى
الإنسان - إذا صلى! - لإله. ويبيع ويشترى ويبتغى الرزق باسم إله آخر يحل
له الربا ويحل له الغش والخداع بغية الربح. ويمكارس شهواته باسم إله ثالث
يحل له العلاقات غير المشروعة ويزين له الخبائث. وقد يتوجه إلى بشر مثله
أو إلى صنم من الأصنام فيطلب منه البركة أو يطلب منه أن يقربه إلى الله
زلفى.. وهكذا تتشتت نفسه فى محاولة استرضاء هذه الأرباب المتعددة التى
كثيراً ما يكون لكل منها مطالب تخالف مطالب الأخرى وتعارضها0
وفى النهاية يفقد نفسه بعد أن يفقد أمنه وطمأنينته:
(ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلما لرجل هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون) الزمر:29 وأوضح
مثال على ذلك تلك الجاهلية المعاصرة التى يمارسها الناس فى أكثر أرجاء
الأرض ولقد كانت هذه الجاهلية تبهر الناس وتخدعهم بالتقدم العلمى والمادى
الهائل الذى حصلته. ولكنها تكشفت - حتى لأصحابها - عن تمزق نفسى لا مثيل
له فى التاريخ، يتمثل فى التزايد المستمر لحالات القلق والجنون والاضطراب
العصبى والنفسى والانتحار والإغراق فى المسكرات والمخدرات!
وأخيراً
تصايح الشباب هناك بأنه يحس بالضياع، ولا يجد لحياته معنى، ولا يجد نفسه
فى اتجاه يكسبها الاستقرار والطمأنينة! وتلك هى الحصيلة الأخيرة للشرك،
مهما بدا من مظاهر التقدم المادى والعلمى، لأن النفس الممزقة بين الأرباب
المختلفة لا يمكن أن تجد الطمأنينة أو تحس بالاستقرار
5- ومن نتائجه إحباط العمل :
(ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) الزمر:65
والحبوط
مأخوذ من (حبطت الناقة) إذا انتفخ بطنها وماتت نتيجة تناولها طعاماً
ساماً، ويراد به ضياع نتيجة العمل وانقلابه بالوبال على صاحبه والله يقول
للرسول : إن الله قد أوحى إليك كما أوحى إلى
النبيين من قبلك أن الشرك يحبط العمل ويفسده، ويئول فى النهاية إلى
الخسران، الخسران الأكبر فى الآخرة بدخول النار والعياذ بالله
إن الناس
فى الجاهلية المعاصرة قد انتفخوا من كثرة ما أعطاهم الله استدراجاً عن
طريق التقدم العلمى من سيارات وثلاجات وطائرات وصواريخ وقنابل ذرية ونووية
وأموال وخيرات من كل الأنواع انتفخوا بكل ذلك حتى وصلت بهم (النفخة) إلى
الاستكبار على الله، يقول الله عن أمثالهم: (
فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم) غافر : 83 ولكنه انتفاخ كانتفاخ الناقة الحابطة بالغذاء المسموم فاستثمار
خيرات الأرض وصل حالياً إلى حد لم يبلغه فى التاريخ، والفقر الجاثم على
كثير من ربوع الأرض ليس له كذلك مثيل فى التاريخ !وتقدم الطب بلغ درجة لم
يصلها من قبل قط، ونسبة المرض كذلك فى تزايد مستمر، وتنشأ أمراض جديدة لا
عهد للبشرية بها من قبل، وآخرها مرض نقص المناعة المكتسبة المسمى بالإيدز والتنادى
بالحريات السياسية والحريات الإنسانية يشبه الدوى فى برلمانات الأرض،
وصحفها ووسائل إعلامها، والعبودية التى يعيش الناس فيها فى أكثر بقاع
الأرض أبشع عبودية فى التاريخ ووسائل المتاع التى اخترعها البشر ليتناولوا
بها أكبر قسط من متاع الأرض لا مثيل لها فى كثرتها وتنوعها واستغراقها
لحياة الناس، ودرجة الشقاء التى يحسها الناس من أول الاضطرابات النفسية
إلى الجنون لا مثيل لها كذلك فى كل التاريخ ! وصدق الله العظيم :
(لئن أشركت ليحبطن عملك) الزمر : 65
6- ومن آثار الشرك الأكبر خلود صاحبه فى النار :
(إن
الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل
ضلالاً بعيداً إن يدعون من دونه إلا إناثاً وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً
لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً ولأضلنهم ولأمنينهم
ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ
الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناًيعدهم ويمنيهم وما يعدهم
الشيطان إلا غروراً أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصاً
) النساء : 116-121
وأى
شىء يمكن أن يكون أفظع من ذلك وأبشع؟ إن الحريق هو أفظع ما يتعرض له
الإنسان فى الحياة الدنيا لأنه شىء لا يطاق.. شىء لا تستطيع احتماله
الأعصاب. ومع ذلك فما أهونه وأيسره بجانب حريق الآخرة
إنه - مهما
اشتد ومهما امتد - فلن يتجاوز دقائق قد تمتد إلى أيام .. ثم بعد ذلك إما
أن يشفى صاحبه وإما أن يموت. فكيف إذا كان لا يشفى قط ومع ذلك لا يموت :
(إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجتن جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) النساء:56 عذاب
ساعة أو ساعات لا يحتمله الإنسان فى الحياة الدنيا، فهل يستطيع أن يحتمل
العذاب الذى يصل إلى درجة الاحتراق الكامل ثم يعود الجلد - الذى يشتمل على
أعصاب الحس - جديداً، ليحص صاحبه العذاب من جديد فهل من الحكمة أن يعرض
الإنسان نفسه - بارتكاب الشرك - إلى هذه الدرجة الفظيعة من العذاب ؟إن
الناس فى الحياة الدنيا يتقون الحريق بكل وسيلة، ويحاولون جهدهم ألا
يصيبهم ذلك الحريق فما أغفل المشرك الذى يهرب جهده من لذعة عابرة فى
الدنيا، ثم يركض بقدميه ركضاً ليلقى بنفسه فى الحريق الذى لا يزول أبداً
ولا يستطيع أن يخرج منه بعد أن يدخل فيه :
(ومن
الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحجب الله والذين آمنوا أشد
حباً لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعاً وأن
الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين
اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة
فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم
بخارجين من
النار) البقرة : 165 - 167

[/b]
[/b][/b]

...يتبع
[/b]




ركائز الإيمان الجزء 12 Gold

descriptionركائز الإيمان الجزء 12 Emptyرد: ركائز الإيمان الجزء 12

more_horiz
شكرا لاضافتك الموضوع

descriptionركائز الإيمان الجزء 12 Emptyرد: ركائز الإيمان الجزء 12

more_horiz
شكرا

descriptionركائز الإيمان الجزء 12 Emptyرد: ركائز الإيمان الجزء 12

more_horiz
شكرا

descriptionركائز الإيمان الجزء 12 Emptyرد: ركائز الإيمان الجزء 12

more_horiz
ذاد الله ايمانك يا اخى
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد